يختلف الذين يستقبلون شهر رمضان، ولهم في ذلك طرق مختلفة ومتنوعة؛ فمنهم من يستقبله باللهو واللعب، ومنهم من يستقبله بالأكل والشرب ، ومنهم من يستقبله بالنوم ومنهم من يستقبله ببرمجة وقته لمشاهدة البرامج والمسلسلات عبر شاشة الرائي(التلفاز)، إلى غير ذلك من أنواع الاستقبال.
وذلك هو استقبال المفرِّطين الذين لم يدركوا حقيقة فضائل هذا الشهر، ومنافع أيامه، وفوائد لياليه، وعظمة شعيرته.
غير أنَّ المؤمن السبَّاق لعمل الصالحات؛ فإنَّه يستقبله بالمسارعة إلى عمل الخيرات، وتجنُّب المنكرات، متمثِّلاً قول الله تبارك وتعالى
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين).
والمسابق لعمل الخيرات واقتناص الفرص، شيمته التطلُّع والترقب لكل فرص الخير وغنائم البر ومعارج القبول ليتقرب بها إلى ربِّ العالمين، ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، وخوفاً من أليم عقابه.
والمسابق لعمل الخيرات يعلم يقيناً أنَّ الله ـ تعالى ـ حثَّ عباده على المسارعة والمسابقة لعمل الخيرات، كما قال عز وجل
فاستبقوا الخيرات) وقال عزَّ وجل
إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله)، ولكن في أمور الدنيا يعلم أنَّ مسارعته فيها والمسابقة لطلبها تخالف المنهج القرآني الذي قال
فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) وقال
ولا تنس نصيبك من الدنيا) فهو يلحظ أنَّ الأمر أتى بالمسارعة في عمل الخير وتطلب البر لنيل ثواب الآخرة، وأمَّا الدنيا فلا مسارعة في ابتغائها ولا مسابقة في تطلب متعها الزائلة، ولهذا نجده سبحانه وتعالى حث على المسارعة في الآخرة، والسعي لذكر الله تعالى، وأمَّا في الدنيا فقال
فامشوا في مناكبها)، وفرق كبير بين المسارعة والمسابقة وبين المشي، ولهذا جعل سبحانه وتعالى أصل عمل العبد في نيل ثواب الآخرة والسعي لتطلُّب الأجر من الله، ولكن في أمور الدنيا قال تعالى
ولا تنس نصيبك من الدنيا) .